كيف تبقي جذوة حماسك مشتعلة أثناء البحث عن وظائف في ظل جائحة كورونا
شهد العالم في الأعوام الأخيرة تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة نتيجة لجائحة كورونا (كوفيد-19)، التي أظهرت مدى هشاشة العديد من القطاعات ودفعت ملايين الأشخاص إلى البحث عن وظائف جديدة أو التأقلم مع أسواق عمل متغيرة. في خضم هذه الأوقات الصعبة، قد يواجه الكثيرون صعوبة في الحفاظ على حماستهم أثناء عملية البحث عن وظيفة، خاصة في ظل القيود التي فرضتها الجائحة على أسواق العمل، التي شهدت انكماشًا كبيرًا في بعض المجالات، بينما تطلبت آخرى مهارات مختلفة تواكب التغيرات التكنولوجية. ولكن على الرغم من هذه التحديات، من الممكن الحفاظ على الحافز والمثابرة للوصول إلى الهدف المنشود. في هذا المقال، سنتناول بعض النصائح والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الأفراد في الحفاظ على حماستهم أثناء البحث عن وظيفة في ظل جائحة كورونا.
1. إعادة تقييم الأولويات وتحديد الأهداف الشخصية
أثناء البحث عن وظيفة في ظل الجائحة، قد يكون من المغري أن تنظر إلى السوق من خلال عدسة الانعكاسات السلبية فقط. لكن من المهم أن تقوم بإعادة تقييم أولوياتك الشخصية وتحديد ما هو مهم بالنسبة لك الآن. مع تزايد الضغوط النفسية والاجتماعية الناجمة عن التحديات الحالية، يجب أن تكون أهدافك المهنية متوافقة مع الواقع الجديد للسوق.
عادةً ما تكون الجائحة قد وضعت أولويات جديدة للعديد من الأشخاص، سواء من حيث توازن العمل والحياة أو اتجاهات الوظائف التي قد تكون أكثر أمانًا أو تناسبًا مع الظروف الجديدة. قد تشمل هذه الأولويات مزيدًا من الاستقرار الوظيفي أو التكيف مع التوجهات الجديدة مثل العمل عن بُعد أو العمل في مجالات جديدة مثل الصحة العامة، التكنولوجيا، أو اللوجستيات.
2. التركيز على التحسين الذاتي واكتساب المهارات الجديدة
بالتوازي مع البحث عن وظيفة جديدة، يُعتبر الاستثمار في نفسك أحد أفضل الطرق للحفاظ على الحماسة أثناء هذه الفترة الصعبة. جائحة كورونا غيرت شكل العديد من الوظائف وأدت إلى ظهور فرص جديدة تتطلب مهارات رقمية وتقنية. سواء كنت تسعى للعمل في مجال تقني أو ترغب في تحسين مهاراتك في مجال تخصصك الحالي، من الضروري أن تبقي نفسك محدثًا وتواكب التغيرات في سوق العمل.
هناك العديد من منصات التعليم الإلكتروني التي تقدم دورات تدريبية عبر الإنترنت، مثل كورسيرا، إدراك، ويوديمي، التي يمكن أن تساعدك في اكتساب مهارات جديدة في مجالات مثل البرمجة، تحليل البيانات، والتسويق الرقمي. الاستثمار في هذه الدورات سيزيد من فرصك في الحصول على وظائف قد تكون أفضل في ظل الواقع الجديد.
3. تحسين سيرتك الذاتية وملفك الشخصي على منصات التوظيف
أثناء البحث عن وظيفة، تعد السيرة الذاتية وملفك الشخصي على منصات مثل لينكدإن من الأدوات الأساسية التي يجب أن تحرص على تحسينها وتحديثها بشكل مستمر. الجائحة فرضت تغييرات جذرية على سوق العمل، وأصبحت العديد من الشركات تعتمد بشكل أكبر على التقنيات الحديثة لاختيار الموظفين. بالتالي، من المهم أن تجعل سيرتك الذاتية مُتوافقة مع متطلبات الوظائف الجديدة.
عندما تقوم بتحديث سيرتك الذاتية، ركز على المهارات التي اكتسبتها حديثًا في ظل الجائحة، سواء كانت مهارات تقنية أو شخصية مثل العمل عن بُعد، الإدارة الذاتية، أو المرونة. كما يجب أن تكون مستعدًا لاستخدام منصات التوظيف بشكل فعّال، والتفاعل مع الفرص المتاحة في مجالك من خلال أدوات التواصل الرقمية.
4. تنظيم وقتك وتطوير روتين يومي
من أكثر التحديات التي قد تواجهها أثناء البحث عن وظيفة في ظل الجائحة هو المحافظة على الدافعية يوميًا. عندما تكون عالقًا في بيئة منزلية ويومك يفتقر إلى التنظيم أو الهيكل المحدد، قد يكون من الصعب الحفاظ على حماسك.
لذلك، من الضروري تطوير روتين يومي ثابت يساعدك على البقاء منتجًا ومتحفزًا. خصص وقتًا يوميًا للبحث عن وظائف، تطوير مهاراتك، ومراجعة سيرتك الذاتية، ولكن لا تنسَ تخصيص وقت للراحة والتوازن. من خلال تحديد أوقات معينة للعمل وأوقات أخرى للاستجمام أو ممارسة النشاطات التي تحبها، يمكنك بناء روتين يعزز من إنتاجيتك ويحافظ على حماسك دون الشعور بالإرهاق.
5. تقبل الرفض كجزء من العملية
قد يكون الرفض من الشركات جزءًا طبيعيًا من عملية البحث عن وظيفة، لكن في ظل الجائحة قد يزيد هذا الأمر تعقيدًا، حيث تتأثر الشركات بمشاكل اقتصادية أو تواجه تحديات جديدة. من المهم أن تدرك أن الرفض ليس فشلًا شخصيًا، بل هو جزء من الرحلة.
لتجنب التأثر السلبي من الرفض المتكرر، من الأفضل أن تعتبره فرصة لتحسين نفسك. على سبيل المثال، بعد كل مقابلة أو تقديم طلب لوظيفة، حاول أن تطلب ملاحظات من الشركات حول ما يمكن تحسينه. استغل هذه الملاحظات لتطوير مهاراتك وتعزيز فرصك في المستقبل.
6. البحث عن دعم من شبكتك المهنية
في ظل الجائحة، قد يكون من الصعب التواصل مع الآخرين بشكل مباشر، ولكن الشبكات المهنية تبقى من أهم الأدوات التي يمكن أن تساعدك على البقاء متحمسًا. سواء كان ذلك من خلال الانضمام إلى مجموعات مهنية عبر الإنترنت أو من خلال منصات مثل لينكدإن، يمكن لتوسيع شبكة علاقاتك المهنية أن يفتح لك أبوابًا جديدة للفرص.
تواصل مع زملائك السابقين، واطلب منهم نصائح أو إحالات قد تساعدك في العثور على وظيفة. الدعم الاجتماعي والمشاركة في مجتمعات مهنية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تحفيزك الشخصي ويساعدك في استعادة الثقة بالنفس في الأوقات الصعبة.
7. الاستفادة من الفرص في مجالات جديدة
بينما كانت بعض الصناعات في فترة الجائحة تمر بأوقات صعبة، كانت هناك صناعات أخرى تشهد نموًا كبيرًا. التكنولوجيا، الصحة الرقمية، والتعليم عن بُعد، وحتى خدمات التوصيل والتجارة الإلكترونية، كانت جميعها من المجالات التي شهدت ازدهارًا. إذا كنت لا تجد فرصًا كافية في مجالك الحالي، ربما حان الوقت لتوسيع آفاقك وتجربة مجالات جديدة.
دراسة سوق العمل الجديد واعتبار الصناعات التي نمت في هذه الفترة قد يكون المفتاح لتحفيزك لمواصلة البحث عن فرصة عمل جديدة. على سبيل المثال، إذا كنت تعمل في مجال غير تقني، قد تجد أن تعلم بعض المهارات التكنولوجية يجعلك مؤهلاً للانتقال إلى وظائف متاحة في القطاعات المتنامية.
8. ممارسة العناية الذاتية وتحسين الصحة النفسية
أثناء عملية البحث عن وظيفة، قد تشعر بالكثير من الضغط النفسي، خاصة في ظل الجائحة. من الضروري أن تكون لديك أدوات تساعدك في الحفاظ على صحتك النفسية. العناية الذاتية لا تشمل فقط الراحة الجسدية، بل أيضًا الحفاظ على الصحة العقلية من خلال الأنشطة التي تعزز من استرخائك.
ممارسة الرياضة، التأمل، أو حتى تخصيص وقت للهوايات والأنشطة التي تحبها يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر. تأكد من أنك تمنح نفسك بعض الوقت للابتعاد عن الشاشات والتوقف عن التفكير المستمر في البحث عن وظيفة، فهذا يمكن أن يمنحك الطاقة والتركيز اللازمين للمضي قدمًا في العملية.
9. التفاؤل والرؤية المستقبلية
أحد أسرار الحفاظ على الحافز أثناء البحث عن وظيفة في ظل الجائحة هو التفاؤل المستمر والنظرة الإيجابية للمستقبل. بغض النظر عن الظروف الحالية، هناك دائمًا فرص جديدة يمكن أن تظهر في الأفق. الجائحة قد تكون قد غيرت من شكل العديد من الصناعات، ولكنها في الوقت نفسه أوجدت بيئة جديدة يمكن أن تفتح المجال لفرص مهنية مبتكرة.
في النهاية، لا بد من أن تتذكر أن البقاء متحمسًا خلال هذه الفترة يتطلب منك أن تكون مرنًا وقادرًا على التكيف مع التغيرات. ما عليك سوى أن تبقى متفائلًا وملتزمًا بتطوير نفسك، وعندئذ ستجد نفسك في مكان أفضل عندما تنفتح أمامك الفرص.
